ماذا يعني أن تقصف إسرائيل المسجد العمري أحد أقدم وأكبر مساجد غزة وفلسطين، بني عام 649 ميلادية أي قبل 1365 سنة وسمي باسم الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب، ويعود رواق المسجد ومئذنته للعصر المملوكي قبل 500 عام ، وماذا يعني أيضا أن تحول آلة الحرب الصهيونية أقدم كنسية في غزة الروم الأرثوذكس الى ركام ومعها مئات الضحايا الى أشلاء، وماذا يعني تدمير مستشفى المعمداني وابادة حوالي 500 فلسطيني بداخله.
وماذا يعني تدمير البنايات التاريخية والأثرية التي بني بعضها قبل مئات السنين بشكل لا يمكن إعادة بنائه.
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، ما دام الاحتلال قائما، التي تستهدف فيها إسرائيل المساجد والكنائس والمنشآت التاريخية والتعليمية والمدنية.
إنها سياسة الأرض المحروقة الممنهجة لآلياتها الحربية الاجرامية وعقيدتها المبنية على الاستئصال والاستيطان كأساس لوجودها كيانا محتلا.
فإذا كانت إسرائيل في حربها المتواصلة على القطاع قد دمرت لحد الان أزيد من 20 مسجدا فقد دمرت أضعاف ذلك في حروبها السابقة كان أكثرها وأخطرها تدمير 203 مساجد في حربها على القطاع عام 2014، كما ألحقت أضرارا بكنيستين، بحسب معطيات لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية.
وبالقرب من أقدم مسجد، دمر المسجد الذي يليه في القدم، وهو مسجد الشمعة في غزة القديمة، وكان قد بني قبل 700 عام في 1315م في عهد المماليك.
كما تم تدمير معلم تاريخي آخر، وهو مسجد المقادمة، والذي كان يعتبر مثالا جيدا للعمارة المملوكية، وقد بني عام 1455م بأمر من سيف الدين بيرديباك الأشرفي أحد موظفي السلطان.
وهناك مساجد أخرى تحمل قيمة تراثية تم تدميرها، مثل مسجد ومرقد المنطار الذي يصل عمره إلى عدة قرون.
وفي عام 2014 لم تسلم كنائس غزة الثلاثة من العدوان، فقد أصيبت كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذوكسية وهي أقدم كنائس غزة ويعود بناؤها لعام 1150 في غزة القديمة، كما أصيبت كنيسة غزة المعمدانية بأضرار كبيرة جراء القصف وأصيبت بنايات ملحقة بكنيسة غزة اللاتينية.
وها هي اليوم تواصل سياستها التدميرية لكل المواقع التي تحمل قيمة تاريخية، وأدلة لا تعوض على التاريخ الثقافي الفلسطيني، تحاول بذلك قتل الهوية التاريخية للشعب الفلسطيني.
لكنها مهما سعت إلى ذلك فلن تستطع محو الذاكرة الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في الوجود.